الجمعة، 15 يونيو 2012

قــلب آلاخـــــر - سحر النحاس




انها احدى ليالى الشتاء البارده حيث المطر ينهمر بغزاره على زجاج النافذه وضوء

المصباح الخافت يشق ظلام الغرفه بينما دقات الساعه ترتل دقات رتيبه ومتثاقله لتعلن

انها الثانيه صباحا بعد منتصف الليل وفى احدى اركان الغرفه بالمستشفى كان يرقد

الشاب " احمد"على سريره بجسد متهاو وانفاس متلاحقه وامه ترمقه بعين مرتعبه

تراقص فيها الدمع على مقلتيها وهى تنظر تاره له وتاره اخرى على ذلك الجهاز المعلق

بالحجره حيث ينبعث برنين خافت بنبضات قلب ولدها ووحيدها وقلبها يخفق مع خفقان

قلبه الضعيف كانما هى قيثاره دمع تعزف لحنا ينساب الما ويأسا وهو يتخافت ويضعف

شيئا فشيئا وهى تبتهل الى الله لو يأخذ الله من عمرها ويمده الي قلبه المهزوم


...وفى الغرفه المقابله لهما

وفى سكون كانت االشابه الجميله "صفاء" تتطلع فى رقه وعذوبه بنظرات حانيه

يعتصرها الآلم ويملآها الحنين الى عينى حبيبها وزوجها الراقد امامها وهو يعانى من

الالام مبرحه فى كل انحاء جسده نتيجه تصادم مروع حدث له اثناء عودته اليها بعد يوم

عمل شاق وقد كانت تنظر الى عينيه الشبه غائبه عن الوعى وكانما هى تستحلفه ان

يبقى من اجلها وهى تضم يده بين كفيها وبرغم شده الآلآمه كان قلبه يدق بقوه كأنما

يصارع الموت .. يقهره .. يتشبث بالحياه وكانه يقول لها من خلال دقات قلبه الاهثه ..

لاتخافى ياحبيبتى سوف احيا من اجلك ..سوف ابقى ..سوف اعود وعيناها ثابته على

جهاز القلب المعلق امامهاوالخوف يحتويها ويلفها بعباءته الثقيله وبصيص من امل ينفذ

اليها وهى تبتهل لله وتدعوا ...

وتمر اللحظات الثقال حتى يشق جدار الصمت رنين جهاز القلب منبئا بالخطروتهرع

الممرضات للغرفه وفى نفس الوقت يرتفع الرنين فى الغرفه المقابله معلنا عصيانه هو

الاخر وتسود حاله من الاضطراب والفوضى وتسرع بعض الممرضات للغرفه المقابله

فقد توقف قلب المريض الاول اما الآخر فكان يعانى من انخفاض حاد فى وظائف المخ ويسارع الاطباء لغرفه العمليات وتضاء الاضواء الكاشفه

وتغلق الابواب الحديديه الضخمه وتعج الغرفه بالالات والمعدات الطبيه وفريق الاطباء

يصارعون الموت وهم فى حيره من امرهم هذا رجل يتهاوى قلبه من كثره اليأس

والآخر يصارع الجروح والآلآم من اجل البقاء

وتمر اللحظات وتفارق الحياه ذلك الزوج متأثرا بكثره جراحه ... بينما قلب الآخر يخبو

ويخبو.. حتى قارب على التلاشى وفجأه .. قرر الاطباء أجراء جراحه عاجله بنقل قلب

للمتوفى حديثا لذلك الآخر الذى كان يعانى من قلب مريض منذ ولادته وبسرعه هرع

كبير الاطباء لغرفته واستدعى والد الزوج وابلغه بنبأ الوفاه واخذ يواسيه ثم طلب منه

الاذن والسماح له بنقل قلب ولده لانقاذ مريض آخر حياته على وشك الانتهاء وبرغم

صعوبه القرار والصراع النفسى المؤلم الا ان صوت الضميروالايمان بقضاء الله دفعه

للموافقه على طلب الطبيب وهو يرجوا ان يكون ذلك فى ميزان حسنات ابنه وان يكون

اخر اعماله انقاذ حياه انسان بائس عاش حياته

فى سلسله متلاحقه من المرض والانهزام

وانطلق الطبيب لغرفه العمليات وامرببدءالاجرءات واتخاذ كل الاستعدادات وتأهب فريق

الاطباء والممرضين وقد تحولت الغرفه الى ما اشبه خليه النحل اصوات تعلو وتخبو

..تحاليل وعينات.. وكأنهم يسابقوا الزمن ومرت الساعات الطويله وانفاسهم لاهثه


..وبينما هم كذلك كانت طرقات المستشفى خاويه وبارده وكئيبه حيث كانت الام

تجلس تنتظر فى ترقب وقلبها ينفطر على وحيدها والوقت يمر كأنه الدهر .. وهى تجتر

الماضى البعيد ..حيث كان طفلا صغيرا كلما اراد ان يلهو مع قرنائه يجرى ويلعب كانت

امه تمنعه لخوفها على قلبه الضعيف وكلما طلب منه اصدقائه اللعب او ركوب الدراجه

كان ينطق بعينيه الحزينه ونبرات صوته تهمس بالاسى

"الدكتور قال لى ماتلعبش علشان قلبك ضعيف" وتمر الايام ويكبر احمد وتكبر معه

عقده الخوف من الموت وقد صار يافعا وانهى دراسته والتحق بالعمل الا انه كان يتجنب

الاندماج مع من حوله يفضل الانطواء على نفسه حتى اصدقائه فقد بدأ بتجنبهم فقد

كان لكل منهم قصه مع فتاه او حلم فى زواج واولاد أما هو فقد كان يعرف مسبقا

ان لا امل ولا حلم له وحتى مجرد التفكير ان يكون له بيت وزوجة ..

وازداد الآمر سوء مع انطوائه على نفسه حيث اليأس اواتجه الى المخدر

كى يهرب من عالمه البائس حيث الموت ..وكان ما يشقيه هو ما يعتصر قلب امه المسكينه الحزينه ..

وبينما كان الدمع ينساب على وجنتيها يحرقها من لوعته نظرت امامها لترى تلك الشابه

الجميله وهى فى مقتبل العمر ووجهها الصبوح يعلوه القلق ويكسوه الخوف والفزع

وقد اغرورقت عيناها بدمع ينساب بصمت واسى ... واقتربت الآم من الفتاه وبقلب الام

اخذت تربت على كتفيها وتحنو عليها وتواسها

"ان شاء الله خير يابنيتى الله معنا"....

وبدأ النهار يشق طريقه عبر غبار الليل فى طرقات المستشفى ونور الصباح ينتشر

على استحياء ليمحى الظلمه شيئا فشيئا. والاثنتان الام والزوجه الشابه عيناهما

معلقتان على باب حجره العمليات الحديدى وكأن روحهما عالقتان بما وراء ذلك الباب

المعدنى الاصم. .. وينفتح الباب حيث الاطباء يخرجون الواحد تلو الآخر وقد اعتلاهم

التعب واخد منهم الاعياء مأخذه وهم يتخافتون ويتهامسون

فيما بينهم عن تلكم الليله المشحونه بالاحداث ...

وهرعت الام وهرعت الزوجةتتهافتان علىا لاطباء تتلمسان منهما ما يشفى صدورهما

وما يسكن روحهما..تردد كبير الاطباء فيما سيبلغه للزوجه الشابه وكان يشفق عليها

من هول ما هو مضطر لابلاغها اياه ..

فقرر ان يعلمها مدى اصرار زوجها على البقاء حيا ومقاومه قلبه واصراره على البقاء

رغم انهيار جسده نتيجه جروحه الخطيره التى اودت بحياته .وانهارت الزوجه واغشى

عليها وسقطت بجسدها النحيل تتهاوى والدموع تملآ وجهها الشاحب

وتلقتها الام على صدرها وهى تواسيها وهى لا تزال لا تعلم ما حدث لابنها واخبرها

الطبيب ولم تصدق ما حدث ..ولدها لا يزال على قيد الحياه بعد ان بعث الله له قلب

ينبض بالحياه والشباب والعافيه .سجدت الام لله شكرا ثم نظرت للفتاه وقد احتضنتها

وتدعوا لها بالصبر وانطلقت الفتاه خارج المستشفى بعد ليل طويـــــل وحزيــــــــن

والم يعتصرها وعيون تائه تلملم احزانها وهى تقول" انها اراده الله وما يعزينى ان قلبه

ما زال يسكن شخصا آخر ينبض له بالحياه ليسعده ويسعد قلب ام حزينه"

وبعد عدده ايام قضاها "احمد" بالمستشفى بدأ يسترد وعيه واخذ يتماثل للشفاء يوما

بعد يوم وهو لا يصدق ما حدث له فى تلك الليله

وانه مازال على قيد الحياه كان وجهه يضىء بالبشر وترتسم عليه علامات الرضا

والسرور والسعاده وقد احس ان يوم مولده ذلك اليوم حيث قلب جديد فتى قوى وقد

ملائه ذلك بالامل الجديد فى الحياه حتى انه بدأ يهتم بعمله مره آخرى وابتعد عن حياه

الضياع والمخدر الذى كان يعاقره وقرر ان يعيش حياته من جديد وان يلحق كل ما فاته

وقد اصبح ينتابه شعور غريب لم يجد له تفسيرا .فقد اصبح يحب اشياء لم تكن

لتستهويه يطرب لسماع الطيور فى الصباح الباكر وهى تزقزق وتشقشق مع نسمات

الصباح النديه عشق الزهور وحرص على اقتنائها ورعايتها وكثيرا ما كان يشم رائحه

عطر الجاردينيا فى انفه للحظات ثم يسائل امه الا تشمين هذه الرائحه الذكيه وتتعجب

امه من سؤاله وتتضحك "لا ياولدى" وترددت تلك الظاهره فبينما هو جلوس مع رفقائه

اشتم نفس الرائحه وطاف عبيرها بخياله واذا بدقات قلبه تعلو وهويتعجب من آمره

هناك طيف يمر وقلب يخفق وذهن يشرد وعبير يملاء المكان للحظات

ثم يختفى كل شى .. .

مررت الايام عام بعد عام وذات مغيب اذا بقدميه تسوقانيه الى شاطىء البحر وقت

كانت الشمس تميل بقرصها الذهبى الغارق فى الحمره تغوص فى اعماق البحر

وكأنها تهمس فى آذانه باستحياء تستأذنه تسأله الفراق

على امل اللقاء عند الصباح تمحو ظلمه ليله وتملا اشعتها سماء الدنيا نورا وبهاء

وتتلاءلىءاشعتها كالدر على صفحه الماء ....

وفى ظلمه المغيب تلمح عيناه جسدا نحيلا كظل يرقب المغيب كانه صلاه محب

وبصر شاخصا صوب الماء فى حيره وصمت ....

فاخذ يقترب شيئا فشيئا..وشيئا ما يجذبه كالحنين يشده الى تلكم الصلاه

وامتلاء فضولا واقترب اكثر واشتم رائحه العبير نعم هو عطر الجاردينا

انه يزداد كلما اقترب اكثر نظر فى عينيها وتأملها فاذا هو فتاه عذبه حلوه الملامح

يسرى من داخلها حزن دفين يشع من اعماقها ينساب من نظراتها التائه

واحس بقلبه يخفق بقوه ويرتعد فى جوفه ويهز اضلاعه ورائحه الجاردينيا الجميله

تعصف به وقد اثار دهشته تلك النظره التى رمقته بها والحزن يسكنها

فتقدم منها وقال " ارجوك اسمحى لى شيئا ما يجذبنى اليك اشعر بالحنين للمكان

مع اننى لم اتى هنا من قبل وجدت قدماى تقودانى الى هذا البحر واعجبنى مشهد

الغروب والغريب اننى لم اكن لالحظه من قبل

بل لم يكن يلفت انتباهى والغريب ايضا اننى لم اهتم بالطبيعه يوما

ولا يعنينى التامل فيهابل حتى كنت لا احب البحر الا ترين ذلك غريبا"

وارادت الفتاه ان تتراجع للخلف وتبتعد بعد ما اقتحم عليها خلوتها

ولحظات سكونها مع اطياف الماضى وحبيبها الذى اعتادت على الذهاب

معه للشاطى والتمتع بلحظات الغروب حيث تتناغم الطبيعة الماء والسماء الشمس

والسحاب وتتمازج الالوان لتخرج مشهدا كونيا غايه فى الجمال

يتكرر كل يوم ليسعد العاشقين ويملاء النفس بالدفء بالشجون والذكريات

وعندما بدأت خطواتها بالتراجع شعرت بقلبها يسرع الخفقان وصدرها يعلو ويهبط من

فرط الحنين وتسمرت قدماها فى الارض وكأن طيفا يجول بخاطرها يسبح بين حناياها

يهيم فى ثناياها يذكرها يوقظها ينعش قلبها ....

هذه الدقات اعرفها حق المعرفه وتلك النبضات لطالما ألفتها هذه الانفاس اشم عبيرها فى صدرى ليست بالغريبه انى احبها بل اعشقها أذوب فيها

...انها هى انها.... انها ماذا انا اهذى ..هل فقدت صوابى مالى لااستطيع الحراك

ولم يخرجها من صمتها الا صوته وهو يقول" الدنيا برد عليك اخشى عليك ان يصيبك

المرض ما رايك لو ذهبنا الى تلك القاعه على الشاطى فهم يقدمون الشوكلاته الساخنه سوف تشعرين بعده بتحسن ودفء

ثم استطرد وقال "على فكره ده احلى مكان بيقدم الشوكولاته الساخنه"

وضحك فضحكت هى ومشيت معه بعد ان منحها كوفيته الصوف لتلف بها رقبتها

وكتفها النحيل من البرد وبينما هى تمشى كالمسحوره تخرسها الدهشه مما يحدث

فهى تعلم انها لطالما ذهبت هناك لتلك القاعه على الشاطى مع زوجها الحبيب بعد ان

اعتادا على مشاهده الغروب الذى يعشقانه وهم يتضاحكان ويتسامران ثم يحتسيان

الشوكولاته الساخنه فى تلك القاعه و...


وتتوقف فجأه لتقول لنفسها ماهذا ..كيف اوافقه هكذا كيف مشيت معه ومن هذا

الغريب الذى يجالسنى فاستدارت له وقالت بصوت مضطرب

من انت ايها الغريب وما هى قصتك وراح يسرد لها كل ما مر به من احداث غريبه

وكان قلبه مازال يخفق كلما نظر اليها وراح يحكى لها عن نفسه ومرضه الذى لازمه منذ

مولده وكيف وهبه الله قلبا جديدا غير من مجرى حياته وكيف ايقظ هذا القلب فيه كل معانى حب الحياه بعد ان كان ينتظر الموت والتفاءل بعد اليأس وساورت الشكوك الفتاه

فراحت تستفسر اكثر حتى ايقنت ان القلب الذى ينبض بين ضلوعه ما هو الا قلب

حبيبها وبدأت الامور تتضح وننقشع الغمائم وقد ادركت ما سر الرعشه التى سرت فى

اطرافها والخفقان المشحون بالشجن الذى احست به عندما اقترب منها ووقف امامها

انه قلب من احبت ينبض يدق يعلو يصرخ حبيبتى

هاذى انا قلب عشقك هتف باسمك استحلفك ان تسمعى نبضه ...ان تستجيبى

لندائه حبيبتى لم امت مازلت ادق من اجلك قد بعثنى الله فى جسد جديد قد ملئته

بالحياه بعد اليأس والامل بعد الضياع هذا قلبى حبيبتى قلب احبك

وفجأه صرخت انت هو اذن قلبك هو قلبه انا اعرفه فهو قلبى الذى بين ضلوعى

فهو حبى الذى مازلت احى له وتعجب "احمد" مما سمع فهو الآخر قد همس قلبه بحبها وانجذب لها كان يشم ريحها وعبيرها على الدوام

كانت تحوم حوله تحثه على المجى اليها باحساسه بقلبه بروحه وعقله ...


كيف جمع الله بينهما ولم يرها ولم تراه كيف كان يقتسمان اللحظه

بعدما اخذته خطاه اليها

وها قد علما انه القدر..نعم انه القدر وان قلبه الذى يضخ الحياه فى عروقه

هو قلب الآخر .
قصه<<<قــلب آلاخـــــر>>> بقلمـــــــــى

التركه - سحر النحاس



التــــــ✿التـركـــــــه ✿بقلمـى شــروق❀❀ـــركه 



فى صالة المزاد كل شىء يباع الاثاث القديم التحف والأنتيك, الساعات الاثريه, النجف الكريستال 
كل شىء قابل للتفاوض تراث الاجيال والتاريخ القديم لم يجد من ينقذه من الضياع
ونخاس القيم والنفائس " تاجر" لا يختلف كثيرا عن 
تجار الرقيق او العبيد فالكل لديه بضاعه معروضه تترجم لقيمه ماليه 
فى سوق خال من العواطف الانسانيه
فى صاله العرض تتم المساومه على مقتنيات الأسر العريقه التى تعسر حالها واخنى عليها الزمان .
الماضى والتاريخ يباع بأرخص الاسعار 
ومين يزود........
وتحت ناقوس المزايده 
تتعالى اصوات المشترين بنهم , وهم يقتنصون الفرائس للايقاع بالنفائس والفريد بأقل الاثمان 
حتى يرسوا المزاد على اعلى مزايد 
✿التـركـــــــه ✿بقلمـى شــروق❀❀✿التـركـــــــه ✿بقلمـى شــروق❀❀✿التـركـــــــه ✿بقلمـى شــروق❀❀
الا اونه الا دووى الا تريه ....

...
........مبرووك عليك!!

وهكذا فى لمح البصر تنتقل ملكيه مقتنيات تحمل ذاكره وماضى قد تكون ذات ذكرى غاليه على القلب او قيمه معنويه لشخص 
او هديه عزيزه او اثر قديم منذ عهود 
بعيده توارثته اجيال الى اشخاص لا ينتمون الى تلك المقتنيات
سوى حب الامتلاك او هوايه اقتناء التحف 


وهكذا يتم معاوده الكره مع التالى ....
مين يشترى ساعه ابنوس، يالا سرير الملكه اوجينى طقم فضه, سجاده شينواه يدوى, فازه مذهبه موقعه ,تابلوه ,كرسى 
طبق كريستال بوهيمى من عهد الملك قلاووووو....... 
بلا قلب وبلا هواده وتحت سيف الحوجه يسود قانون الغاب البقاء للاقوى 
والسلطه للقادر
والنفوذ لسطوه المال 
يباع الماضى والذكريات
.............................................. 
فى أجواء حزينه قاتمه اجتمعت الاسره المكونه من اثنين من البنين واربعه من البنات
حول جثمان الوالده حيث يتم تشيعها الى
مثواها الاخير
والدموع تتساقط بحراره على فقد الحبيبه الغاليه بعد صراع مع مرض قصير اودى بحياتها
تمت مراسم الدفن وعادوا يتحاملون للبيت الكبير الذى طالما جمعهم حول مائده واحده فى الاعياد
وايام الجمعه
من كل اسبوع حيث اعتادوا ان يتلاقى الاخوه والاخوات
واولادهم وازواجهم وزوجاتهم لقاء يوم ممتع دافىء يتسامرون يتضاحكون وتقوم الوالده باعداد ما لذ وطاب
من انواع الطعم الشهى
وحتى بعد ان توفى الوالد ظلت الاسره على نفس النمط المعتاد من التجمع الاسرى واللقاء الاسبوعى
ظلت الاسره تتلاقى لعده اشهر ثم بعدها ابتدأ انشغال البعض وتاخر البعض عن الحضور بانتظام
تحجج بعضهم بانشغاله مع الاولاد وتوالت الحجج حتى بات الامر الطبيعى هو عدم الحضور
واجتماع الاسره واكتفى الحال بالسؤال احيانا بالهاتف
او الاطمئنان عبر المحمول من حين لاخر
وظلت شقه العائله مغلقه لاشهر عديده اللهم الا مرات قليله كانت تقوم فيها احدى البنات
باخذ خادمتها لتهويه الشقه او تنظيفها من الاتربه نتيجه الغلق الطويل
مرت الاعوام الواحد تلو الاخر انقضت ايام التلاقى الاسريه واصبحت من الماضى الذى يهاجم الذاكره احيانا فنتذكره ونتحسر على الايام الجميله والذكريات القديمه والاحاديث والدفىء والترابط و......
وتنقضى نوبه انتعاشه الذاكره لتعود ادراجها وتتدور عجله الايام سريعه متلاحقه كل يوم باحداث وانشغالات وتظل الشقه المغلقه تحمل داخل جدرانها اصوات الماضى كم كانت عامره صاخبه تملاءها الحياه فيها ولد الصغار وفيها اقيمت الافراح وعلى منضدتها اجتمع الصغار والكبار على اشهى المأكولات
اعواما صار الصغار شباباً والكبار ازدادو شيبا وخطت الايام علامات على جباههم وانسجتهم وارواحهم الهرمه

جاء احد المشترين يرغب فى شراء الشقه المغلقه وعرض مبلغا من المال مغرى فقرر الابناء اتمام البيعه واقتسام الثمن بينهم حسب وصايا التركه
بقى التخلص من مقتياتها من الاثاث والنجف والتحف ....فقدكتنت الشقه عامره بالاثاث القيم والسجاجيد الفاخره الاصليه والتحف والثريات كما احتوى دولاب الهدايا والفضيات المذهب على العديد من المشغولات الفنيه الثمينه
عرضت احدى البنات ان تقسم المقتنيات بالتساوى حيث يمكنهم الاحتفاظ بتراث العائله العريقه ومقتنياتهاالثمينه
لكن سرعان ما ظهر الخلاف بين الاخوات
حيث تصارع كل منهم على اقتناء الاغلى والاقيم
وتدخلت زوجات الابناء انا زوجه الابن الاكبر انا احق لتتدخل الابنه بل نحن بناتها وهذا ميراث ابينا وامنا
وتطورت الاحداث منبأه بقدوم عاصفه قد تقتلع جذور الموده والتأخى
فانطلق الاخ الكبير بقرار بيع جميع المقتنيات وتقسيم الاموال بما شرع الله أحقاقا للحق وتهدئه للاجواء الملتهبه وحفاظا على الروابط الاسريه واجلال
لذكرى الفقيده الغاليه

فى صباح اليوم التالى قام الاخ الكبير بالاتصال بأحد التجار المتخصصين فى شراء المقتنيات القديمه والتى يمكن تثمينها
بما تستحقه ماديا طبقا لندرتها وقيمتها التراثيه

جاء التاجر ومعه فريق من الخبراء المتخصصين فى فرز وتثمين التحف والاثريات
بدا التهافت والانبهار فى عيون هؤلاء كلما التقفوا قطعه فى يدهم راحوا يقلبوها ذات اليمين وذات الشمال 

الساعه الابنوس على الحائط كانت خاصه جدى قد اتى بيها من مزاد من قصر باشا كبير 
تلك النجفه المحفوره من الفضه الخالصه يعلوها طبق نصف دائرى من الكريستال الاصلى المشطوف كأنه لؤلؤه ماسيه تعكس الوان الطيف عن انهعاس الضوء المتساقط عليها من مصدر الضوء

ذاك الابريق الذى كانت تعتز به جدتى والمصنوع من الفخار الصينى الازرق وعليه النقوس الصينيه الرائعه
مع طقم الشاى الرائع
ياإلهى هذا التمثال الذى كنت أحبه وانا صغيره كان يشعرنى بالدفء والحنان فهو منحوت على هيئه سيده راقيه ترتدى زيا من ازياء ملوك القرن الماضى وهى تحمل فى يدها وليدا صغيرا تحتضنه بمنتهى الحنان 

أنتقل الرجال لدولاب الفضيات الملىء بأطقم القهوه الاوبال ذات التلبيسه المشغوله بالفضه وأطقم ادوات المائده من ملاعق شوك وسكاكين من النيكل الخالص المطعم بالذهب بعلبته
ذات الادراج المتعدده من الابنوس البندقى مكسوه بالمخمل القرمزى
المزهريات ذات النقوش البارزه من الفضه التى كانت تدشن بيها قاعات استقبال الضيوف كانت جدتى دائما وبشكل اسبوعى تجمع تلك المزهريات وتجلس على الشازلونج الخاص بيها فى حجرتها وتقوم بتلميع الفضيات ولا تتركها حتى
تتلاءلاء ببريق رائع
جاء دور تلك الاريكه التى طالما جلست عليها وقضيت اوقاتا طويله انا واطفال عائلتنا نلعب ونمرح ونقفز فوقها حتى تأتى الينا احدى امهاتنا لتصرخ فى وجهنا اجلسوا بهدوء جدكم نائم بالغرفه المجاوره ونظل نهمس ونلعب بهدوء مصطنع ثم ننفجر ضحكا وتتعالى اصواتنا اكثر من الاول
انسابت من عينى دمعه وانا انلقى النظره الاخيره على تلك الاريكه بعدما قام الشيالين برفعها من على الارض ومضوا بيها للخارج
اخذت انظر اليها نظره مودع وانا اتفقد ارجاء المكان بلهفه وجنون وكأنى أختزن فى ذاكرتى اكبر قدر من الصور قبل
ان تنقضى الى الابد
وراحت الشقه تفرغ الواحده تلو الاخرى والتجار يتهافتون على مقتنيات المكان بعبون خبيره ويقيمون البضاعه
وتثمن وتتم المبادله
هذا الطبق كنت احبه وذاك الكونسول المذهب الكبير الذى يعلوه مجسم لتمساح ضخم او طائر خرافى مجنح
تكسوه مرأه فاخره من الزجاج البلجيكى ذات النقوش الخلابه بقاعدته الرخاميه العريقه المعرقه بخطوط ورديه مبهره
تلك الستاره من الكورشيه كانت جدتى قد نسجتها بيدها وكلما كانت تقوم بنزعها لتنظيفها وكيها
كنت اقف معها وهى تقوم بتعليقها امام الشرفه الكبيره وهى تنادينى ناولينى يا ابنتى ستاره عناقيد العنب
وكنت أتعجب بسخريه وانا لا اقدر تلك الاتحوفه التى بين يدى فكانت تجلس بجوارى
وهى تمسك بفخر الستاره وتقول لى تلك من عمل يدى وقد استغرقت وقتنا طويلا حتى انجزتها
فهى غاليه عندى ثم تجلس على الكرسى الفوتيل المجاور لتصلى
بعدها تمد يدها على السبحه الكهرمان المعلقه بجوار المقعد لتسبح عليها

سبوح قدوس سبوح قدوس
يالهى لقد التقطها ذالك الرجل القصير الذى يدور فى المكان بحثا عن كل ثمين
اخها بين يديه وراح يتفحصها بنهم صائحا
انها كهرمان طبيعى سادفع فيها ........
 
يالله كل تلك النقود لتلك السبحه التى كنا نلعب بيها ونمشى بيها فى الظلام لتضىء فى ايدينا لنتلقفها بين ايدينا الصغيره
الواحد تلو الآخر بسعاده ومرح ونحن نتعجب احدفلى السبحه المنوره لتأتى جدتنا تعنفنا خوفا من ان تفرط على الارض
لقد دسها فى جيبه بعد اضافتها للبيعه واختفت من ناظرى للابد كدت اصرخ فيه من انت حتى تسرق ممتلكاتنا
ولكنى عجزت عن الكلام
لقد كانت مقتنيات العائله اما الان قد اصبحت تركه
لابد ان تقسم او تباع لتتحول الى شىء قابل للتداول
انحسر قلبى وانا ارى كل شىء يباع

كل تاريخ الايام يمضى بلا رجعه
كل قطعه اثاث فى هذا المكان كل اتحوفه او مفروشات لها رصيد فى ذاكرتى تمنيت وقتها لو أملك المال لاهبه لهم
لاحتفظ انا بتلك الاشياء الثمينه على نفسى وقلبى وعقلى ووجدانى
والتى تتجاوز القيمه الماليه والنقديه
الى قيم معنويه وتراث عائله وتاريخ وهويه
ايام من العمر مضت شكلت وجدان وكينونه من احتوها واقتناها
وحافظ عليها طيله العمر
قفز فى خاطرى سؤال غريب وقتها
هلى تلك الاشياء والمقتنيات اغلى من الاناس الذين كانوا يسكنوها او يمتلكوها 
هل حزنى العميق وانا ارى انتقال ملكيتها الى غرباء لا ينتمون اليها ويتعاملون معها على انها صفقه رابحه
وربح وفير سوف يتم المقايضه عليها لمن يدفع فيها اكثر او لهواه جمع التحف او من عندهم هوس اقتناء كل ما هو اثرى

انا الوحيده التى يربطنى بهذه الجمادات علاقه وثيقه فهى جزء من تاريخى وتاريخ عائلتى فيها ايام مضت
وذكريات عمر طفوله وشباب
اخذت افكر هل هى اغلى من احبتى اللذين فقدتهم
وحصلت على الاجابه بالطبع لا,,,,
انما معزه الاشياء وارتباط الانسان بيها لانها تمثل علاقه ماديه ملموسه فانااستطيع انا المسها اتفحصها
امرر يدى عليها فتنساب الذكرى بين يدى فأرها امام عينى صور مجسمه وكأننى بالذكرى استرجع الماضى
عندما فقدنا الغالين لم نتمكن من الاحتفاظ بهم فظلت ذكراهم مرهونه باشياءهم ومقتنياتهم كلما اخذنا الحنين اليهم تفقدنها وقد
انتقل الينا عبق الماضى فى عالمهم القديم ممثلا باشيائهم
فتتطوف الذكرى فى ابدننا فنعيش الماضى 

انقضى اليوم وجاء المساء
وقد فرغت الشقه تماما من محتوياتها
ونظرت حولى فلم اعرف المكان
اصبحت الجدران خاليه والحجرات خاويه
فرغ العالم من حولى تفقدت اركان البيت وانا اشاهده لاول مره فى حياتى
فارغ بدون اثاث بدون تاريخ بدون ماضى او ذكريات
مجرد جدران بارده صماء خرساء وفراغ يحيط بى من كل جانب
اشعر بقشعريره ووحشه تجتاحنى
كاننى فى قبر موحش
لقد تغير المكان فجأه فلم يعد شقتنا القديمه الدافئه ولم اشعر باى انتماء لم يعد بيتى ولا بيت اسرتى
لم يعد هناك ما يربطنى به كما لم يعد لوجودى اى داع شعرت باختناق رهيب يجتاحنى يضغط على انفاسى
فالهواء هنا لا يناسبى واصداء الصوت فى الفراغ ازعجتنى ....أفزعتنى
يالهى انى أختنق ....... لملمت بعضى وانسلخت بسرعه من المكان........بعد ان انفض المزاد
وانفضت التركه 
تمت

                                                سحر النحاس 

رســــــــــالة - هدير زهدي


رســــالة


    "فليعد كل منا إلى دنياه يا رفيقي ..
     فلا تلك السبيل طريقك ولا طريقي ..
فقد ضرب الشيب رأسك، ومازلت أنا على رأس الزهرات برعما .. تصابيت بالحب، فاستأصل من عمرك عمرا، وحولت المرآة بياض شعرك سوادا !
أما أنا فاشتقت لاجتياز أسوار الحب باكرا .. اشتقت لعينين عاشقتين ولمسة حانية، لقلب حنون يحميني بين جنباته من لسعات الشتاء الباردة.
ولكن سبلنا المتضادة جمعتنا في مفترق الحاجة الى الحب! فنسيت شيبك، ووجدت أنا من السراب مأملي حين التقينا!
زرعنا في اللاشيء بذورا أنبتت ثمارا وهمية .. استأثرنا بها، وآلفناها، وزيناها .. وصدقناها! فلا جرم أنها يمكن أن تتهشم في لحظة، ويختفي ضبابها الزائف إلى الأبد ..
أبصر الآن أول نظراتك، أسمع كلمات الغزل الأولى، أشعر بأول لمسة تداعب أصابعي .. وكأنهم الآن هشيما تذروه الرياح! تلك الرياح أفاقتني .. عصفت بي من سحب الأحلام إلى أسفل الواقع .. أطاحت بالغبار الأسود الذي يحجب شعرك الأبيض، فلاح لي مجددا كما كنت قبل البداية! رسمت لي تجاعيد وجهك بوضوح .. تخبرني بأن الزمن قد لعب معك لعبة طويلة تكثر فيها الأبطال .. والبطلات!
     صديقي ..
ظننت أننا يمكننا أن ننجو من تلك الحفرة العميقة .. وقد تبين لي أنه لا نجاة سوى بالحذر منذ البداية! ولكني وأنت قد ضربنا به عرض الحائط .. واسترسلت خطواتنا إلى الحافة حتى وقعنا ، بل وصلنا لأعمق الدرجات !
أحتاج لبرعم مثلي يمد لي يده ، كما تحتاج شجرة عتيقة تأخذك بين أغصانها إلى حيث ترغب .. وأرغب !
     يا رفيقي ..
لم يدرك الكذب أبدا إلى لساني سبيلا ، كما لم يخدعك كل ما تدفق مني اليك ..
ولكن آمالنا العريضة تتسع بينها المسافات والأعمار! وتأبى دائما أن تلتقي كما في نقطة "الحاجة" التقينا !
لم أجد من كتابة تلك الرسالة إليك بدا . بعد ألم القطيعة .. وقد فعلتها بنفسي، ورضيتها .. ولم أحتملها! خاصة حين يصور لي ضميري آلامك وشوقك الملتهب.
في تلك اللحظة التي تقرأ فيها خطابي، أكون قد مضيت بعد النظرة الأخيرة .. ولتعدني أن تكون حقا الأخيرة .. وتفكر فيما أفضيت به إليك في رسالتي"

     طويت الرسالة ..
     أجرعتها عطري المفضل ..
ومضت قدماي تأكل من الأرض خطوات مضطربة .. تكاد تتراجع مرة أخرى .. وقد وضعت الرسالة في جيب معطفي، أتحسسها بيميني، فربما تصل إليه لمسات أناملي حين يطالعها .. وتشرع الأصابع للحظات في تمزيقها ونسيان كل ما فيها من بوح، حتى أرتمي بين ذراعيه ثانية وأتنهد في أذنه : "ها قد عدت إليك"
أراه في مخيلتي، ينتظرني بضربات قلبه المتلاحقة .. يعد لي الأزاهير ويتعطر بأرق العطور .. لم يذهب يمينا أو يسارا في سبيل انتظار تلك اللحظة التي يراني فيها صوب عينيه مجددا.
أشعر بشيء من الغثيان .. غصات كثيرة في حلقي تلاحق أنفاسي المضطربة، تتسابق مع صدري في الصعود والهبوط ...
ها قد وصلت إلى الباب ..
سكنت لدقائق أحاول الصمود، ثم أقرعت الباب ..
كم أتوق لذاك الباب أن ينفتح، وأستقي من نظراته بحورا دافئة تذيب أطرافي الباردة .. ازداد توترا وحنقا ثانية بعد الأخرى .. تكاد تصرخ نبضاتي : "هيا افتح الباب .. اشتقت إليك"
وبعد صراع عدة ثواني .. انفتح الباب برفق، على غير طريقته المعهودة في جذب الباب بعنف!
ينفتح الباب أكثر ليكشف ما خلفه من أسرار ..
لم يكن ذاك الوجه الذي انتظرته! بتجاعيده وبياض شعره!
ولكنه وجها ناعما ذو شعر مسترسل !
وجه امرأة !
يبدو أنها تكبرني بأعوام كثيرة.. متزينه، متعطرة، ترتدي ثوبا أنيقا .. وقفت لبرهة متسعة العينين أتأملها، كما تأملتني .. تتسائل عينا كلينا عن هوية الأخرى وسبب تواجدها! أما أنا فلا أستطيع السؤال، فبادرت هي : "من أنتِ ؟!"
تلعثم لساني،
يرجوها ضميري ألا يصح ما يرمى إليه الخيال! ثم أجبت بسؤال خافت : "أليس ذلك منزل السيد عبد الرحمن؟"
فأجابت في تحد : "نعم، أنا زوجته، ماذا تريدين؟!"
     ورغم ما جئت من أجله، وما فاض به قلمي في الرسالة .. شعرت وكأنما قد توقف قلبي عن النبض!
لا عجب أن يكون الانسان عمليا في دنيا الآلات، ويرمي كل أهوائه في أكبر سلات القمامة حين لا يجد بها نفعا! لقد استخدم في ذاك الموقف كبر عقله وعمره، كما لم يستخدمهما قط منذ رآني!
ابتسمت لتلك التي لا إثم عليها برفق .. وأتاني صوته الخشن، يتمدد في الهواء ليدغدغ مسامعي : "ماذا هناك يا سمية؟"
     أبيت أن أعكر صفو الزوجين في مستهل حياتهما .. وانطلقت راكضة في طريق العودة .. أشد على الرسالة بيميني، وأطبق على معطفي عن شمالي .. أختبئ من عيون المارين، وكأنما يعلمون ما حل بي، وما قذفتني إليه الأقدار !
ألتهم الشارع بساقيَ لاهثة أسابق أنفاسي للحاق بربيع صباي .. أضرب الأرض بقدماي وكأنما أدهس ما تبق من وهم المشاعر! وأخلفه وراء ظهري فيما لا يتعدى محيط الذكريات العقيمة!
وهاهي السماء تشاركني، وترسل الأمطار لتطهير ما لا يجدي في مجرى حياتي .. وتتسارع وقع الأقدام مع شدة المطر .. وها قد غرقت خصلات شعري، ولمع الندى في وجهي، وابتل المعطف، وأيضا .. الرســـالة!
وقفت مليا أتأمل الرسالة المبللة .. ثم فتحتها وقد ذاب الحبر بين السطور، وكأنما تدعوني السماء لتمزيقها. فرفعت رأسي عاليا، حيث تعانق ملامحي صفاء قطرات المطر وكأنما تقبلني، وتهمس لي بآخر نداها أن افعليها الآن .. ثم ودعتني !
فخضعت لآمالها عن طيب نفس قائلة : "يبدو أن تلك الرسالة كانت لي .. وقد فهمتها جيدا"
      ثم مزقت الرسالــة الباليــة !

هدير زهدي