عقصت شعرها للوراء على غير عادة وكأنها في مهمة رسمية ، فمكان التصوير اليوم لا يناسبه شعر منسدل .. لم تستطيع التخلي عن زينتها فطلت اظافرها بطلاء وردي و قليل من ( الماسكرا ) لنظرة جريئة مليئة بالثقة ، نثرت بعض الخصل الرقيقة بعفوية على جبهتها و آرتدت ( واقي الرصاص ) ثم أرخت كتف ما تحته لينكشف جزء من ذراعها فتظهر جاذبية و أنوثة أسفل تلك البزة الشبة عسكرية ... ، رن هاتفها
كان المتصل يستعجلها فلقد تأخر الوقت فردت: سنذهب حالا انتهت المكالمة ألقت نظرة كاملة على صورتها في المرآة ثم أرسلت قبلة لنفسها و آنطلقت ...
ركبت هي و فريق العمل الحافلة و سارت إلى موقع التصوير .. إلى أرض المأساة .... إلى( داريا ) ...
و ما أن وصلوا إلى القرية حتى آستثارت أنوفهم رائحة دماء سفكت و خضبت كل رقعة على الأرض التى أبت أن تتشربها فلقد حرمها الله عليها لتصبح شاهدة على جرائم البشر
توطن الموت كل بقعة أصبح كاصاحب الدار يستقبلك قائلا أهلا بك في موطني ، الجثث في كل مكان في الشارع يبدو وانهم حاولوا الفرار فكانت مجزرة عامة لم ترحم صغير وكبير هناك بالقرب من حانوت ترقد أسرة كاملة أب و إبنة و ام جثت ساجدة تحمي ابنها لكن لم تفلح محاولتها لحمايته فماتت هي و هو ...
أشار لهم قائد الكتيبة ليأتوا إليه فذهبت إليه و معاها طاقم العمل فقال لهم بلهجة أمرة
_ لماذا تأخرتم ؟ ننتظركم منذ اكثر من ساعة متحفظين علىبعض اقارب القتلى حتى تستجوبهم ليرددوا الأجابات المطلوبة
فأجابت : أسفة لقد تم ابلاغي بالمهمة في وقت متاخر فجهزنا حالنا و هرعنا إليكم على وجه السرعة حسب الأومر سيدي
فقال متأففا : إذا هيا آسرعوا فالرائحة أعمتنا
أومأت برأسها بالقبول وغادرت ومعها المصورين تلتقط صور الجثث الملقاة هنا وهناك فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر ... ينتظر الاسعافات لكنهم جعلوا الأمر على ماهو عليه لحين انتهاء التصوير ..
وأثناء تجولها رأت آمرأة لازالت على قيد الحياة تنازع اتجهت صوبها و في يدها ( المايك ) ألقت عليها عده اسئلة : من قتلك ؟
تهذي السيدة قائلة : أولادي كانوا معي أولادي وزوجي
تستمر في لجاجتها : لماذا قتلوك ؟
_ لا أعرف لا أعرف
ثم وقفت مراسلتنا بعيون أسيفة لتعلن أن الأرهابين هم من قتلوها و هم أيضا من أطلقوا على انفسهم الجيش الحر ثم اشارت بعد ذلك لينقلوها لعربة الاسعاف أمام عدسات الكاميرا الزجاجية ...
على الجانب الأخر إمرأة ملقاة و بجانبها طفلان مازالا على قيد الحياة آحتوتهما بذراعيها
لم يجدا أمان إلا في حضنها رغم مفارقتها للحياة ...
عبرت إليهما و هرول ورائها المصور لتسئلهما
_ من هذة و أشارت إلى القتيلة التي آحتوتهما
ردت الطفلة في براءة : أمي
_من قتلها ؟
نظرت إليها الطفلة بإستغراب و كأنها ترفض فكرة موت أمها فربما نائمة
و ستصحو بعد قليل ....
لم تذرف المراسلة دمعة واحدة رغم كثرة الموتى و تعدد مشاهد منيتهم المثيرة للحزن فضميرها لقى مصرعه مع ألاف القتلى و دفنته في غياهب الزيف وردمت عليه بأرطال من النفاق ، قامت بزرع وجهة بلاستيكي سخرت كل إمكانيتها لخدمة الأسرة الحاكمة
فهوت في براثن الكذب وغرقت في لجة الظلمات ...
لم يتبقى لها سوى آستجواب أهالي القرية المتحفظ عليهم من قبل الجيش بعد أن جردوهم
من ملابسهم عدا الملابس الداخلية كي يبدو الأمر أكثر طبيعية أن يقفوا هكذا لإنهم كانوا داخل منازلهم وقت آندلاع تلك المذبحة .. كان السلاح مشهر صوبهم خلف الكاميرات
...
أنهت المراسلة الباسلة مهمتها بنجاح و داخلها إحساس بالزهو فلقد ذبت عن رئيسها و دافعت عن بلدها ضد الإرهابين ووقفت بالمرصاد أمام الأطماع الخارجية ...
و في اليوم التالي جلست تتصفح الجرائد و المواقع على الشبكة العنكبوتية لترى رد فعل الناس على هذا السبق الإعلامي الجريء توسمت مجدا وطلبت علوا و شهرة فسقطت في عيون الجميع أذهلها لقبها الجديد الذي أطلقوه عليها وآستبدلوا
آسمها بــــ ( مذيعة الشيطان ) .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق