السبت، 27 أكتوبر 2012

الطريق إلى النعيم بقلم عمر أحمد




اكتشف شخص فجوة تؤدي إلى عالم الخيال والأحلام ..
ودلف إليها .. ورأى مشهداً عظيماً ..
قصوراً كريستالية تلمع تحت ضوء أبيض ناصع مُبهر لا يُعرف مصدره ..
تَجول في الطُرق التي كانت هي أيضاً عجيبة نظيفة .. لا يبدوا أن أحداً وطئها من قبل ..
رأى ناس تطير ، ودون أجنحة !! ، أو أي سبب يؤدي إلى استطاعة التحليق .. غير أنهم كانوا قادرين على الطيران ..
ورأى عجباً عُجاب .. لا يوجد أدنى أثر لكدر على وجوه الناس .. وكأن الحزن والهم وأثرهما أُعدما من الوجود ..
كل الناس سعيدة في قمة مرحها واستمتاعها ..
وبينما هو في تجواله وذهوله ، قابل أحد الأشخاص فسأله :
ــ أين أنا ؟! ..
ــ أو لا تعرف ؟!! .. أنت في بُقعة شاسعة لم نكتشف حدودها بعد .. ولكن لك أن تعلم أن هذه البقعة هي مِداد بسيط للغاية من مكان يصفونه بأنه ما لا عينٍ رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ..
ــ فما هذا المكان ؟!! ، وكيف جئت إلى هنا ؟!! ..
ــ أنت عجيب ! .. أنت جئت هنا لأنه يبدوا أنك ذو عقيلة خصبة الخيال ... وهذا المكان حيث بإمكانك فعل أي شيء ..
أومئ متفهماً .. ومن ثم شعر بشرود عظيم للشخص الذي أمامه ما لبث لحينه أن ارتفع جسده عن الأرض .. وحلق !! .. بعيداً ..
تأمله دقيقة .. ثم فكر دقيقة أُخرى ، وافتعل حركة تدل على حسم أمره ، وشرد وبدا أنه كان يركز فكره في شيء ما .. في التحليق .. فلقد ارتفع جسده عن الأرض بضع سنتيمترات ... شعر بالنشوة جراء نجاحه .. وازداد تركيزه .. وإذا به يرتفع ويرتفع حتى بلغ الأُفق السماوي ..
التحليق سهل للغاية .. لقد صدق الشخص الغريب الذي قابله .. إنه يطير بسرعة الضوء ومع ذلك يرى كل شيء بوضوح ! .. أتراه تحول إلى الرجل الخارق ؟! ...
مضى بصره يتجول أثناء طيرانه في خفايا هذا العالم العجيب المُبهر ..
وبعد فترة كبيرة جداً ...
وجد بُقعة أُخرى .. بيوتها عادية أكثرها متهدمة ... وأناس تحفر بأيديها في الأرض ، وآخرين يغوصون فيها دون إرادة منهم ، وتخرج نار ملتهبة من تحتهم ... ورأى وجوهاً عابسة عليها غبرة ، وأُخرى حزينة بائسة يتبدى القهر على ملامحها ... وحرائق في كل مكان .. كل شيء فيها محترق .. وأصوات عالية متعاتبة .. وصرخات هلع متألمة ..
اندهش لذلك ، ولكنه فكر وقدر .. ثم استنتج ما هي هذه الأرض ...
إنها أرض حيث لا ينفع فيها التجديد ، قانونها الجحيم والخسران ..
وبسرعة حلق ... وظل في تحليقه أسابيع بسرعته الخاطفة تلك .. إلى أن أتى مكان آخر مختلف ... لا يُمكن أن تُوصف بشيء ، غير أنه يُمكن تشبيهها بصحراء جرداء صامتة صمتاً عجيباً ..لا شيء فيها على الإطلاق .. ولا أدنى أثر للحياة عليها .. ولا حتى حشرات أو حتى كائنات دقيقة ..
وبذكائه استنبط أنها ... أرض العدم ..
ولم يُمهل نفسه هنيهة ، إذ حلق عالياً بكل قوته .. وازدادت سرعته عن سرعة الضوء ... وكان هذه المرة في طريق العودة ...
لقد عاد إلى الصقع الأول !! ..
إن عقله وخياله يتناسب مع هذا النسق من الحياة ..
عقل ذو رُقي مستحيل يؤهله للوصول إلى أصل هذه البُقعة ..
أصل ما يُوصف بما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ..
بعقله الذي ينتمي لهذا العالم سيحقق كل خياله وأحلامه على أرض الواقع ..
الأرض الجرداء ..
سيحاول بكل ما أُوتي من قوة أن ينقل كل جُموحه الرائع إلى تلك الصحراء ..
لينال السماح والرضا لبلوغ أرض النعيم المستحيل ..
أصل عالمه ..
سيعمل بكل الجد ..
وإنه يعرف ما الشيء الذي سيدعم ترشيحه لأصل عالمه النوراني ..
سيُركب هذا الشيء على عقله ، ليصبح جزء من تفكيره ..
إنه منهج سيوصله لمبتغاه ..
منهج سامي رفيع راقي يتبلور في مصطلح واحد ..
إنه سهل للغاية ..
يُشتق من السلام ..
عليه أن يعمل ويعمل حتى يحقق مبتغاه ..
إن له دَور في هذه البُقعة ، حتى يكون له مكاناً مرموقاً بين مَن نالوا مرتبة الرضا وتبوئوا مقعد صدق في نعيمٍ مزدهر ، لا يُمكن لأحد له أن يتصور ..
عليه أن يربط عالمه الخارق بالواقع ..
فلا مناص أن يمر من خلال الواقع لبلوغ مراده ..
سيضع بصمته الجمالية الخاصة به ..
بصمته المُرضية التي يرضاها ..
والتي تُرضي مالكُ النعيم المُقيم الذي سيمنحه إياه ..
سيحقق ما يرنوا إليه بإذن الله ..


تمت بحمد الله

                                                                                                            عـــمـــر أحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق