السبت، 13 أبريل 2013

ظاهريا......رجل بقلم سهام محمد




حاز شعبيه كبيره بينهم وأحبوه جميعا لأخلاقه الدمثه وحسن معاشرته كانوا في بادئ الامر يستهجنون مظهره الغريب وثيابه التي تتشابه في حياكتها كملابس الفتيات,, ووجدوا من ضعفه  البنياني مجالا لإطلاق النكات وماكان يشجعهم هو إبتسامته الدائمه فلا يدخل معهم في عراك ولا يعترض ,,,,لا يعلمون عنه شيئا وكثيرا ماحاولوا لكنه كان يجيد التكتم ورغم هذا الفضول أحبوه ..كان يجسد أخلاق الرجل الحر من علو الهمه والشجاعه والنبل ولم يكن ينقصه سوي جسد ضخم حتي تكتمل الصوره كأحد الفرسان القدامي... 
كانوا يدركون حقا أن مثله نادرا في هذا الزمن ......

في الغرفه التي إستاجرتها منذ عده أشهرليست بكثيره.. تجلس وحيده بعد عودتها من العمل الذي ينهك بدنها المعتل, تجتر ذكرياتها..  تركها دون أن تجن أي ذنب سوي أنه قضاء الله عليها بالمرض, في بادئ الأمر إنهار وأخذ يبكي وقبلها كثيرا وسط دموعه وصرخاتها وطمئنها كثيرا سأظل بجوارك للأبد فأنت قره العين ومحياه القلب وأوصلها  لغرفه العمليات ....بعد هذا تتذكر نظراته لها في البيت لم تعد كسابق عهدها لا هي ولا نظراته اليها,,كم كان يعشق الثوب الأسود علي بشرتها البيضاء وكم كان يصفها بالملاك في ثوبها الأبيض وكم كتب فيها من القصائد وتغني....ولكن الأن لا يجدي معه شيئا فعيناه تخبرانها أنها لم تعد صالحه له,, أو لغيره ..علمت أنها النهايه وإندهشت من جأشها لم تذعر بل كانت ترقب أفعاله منتظره لحظه طلبه الانفصال حيث الخطوي الحاسمه التي سيرفضها فيها ويعلنها صريحه ,. ولكنه كان أذكي تجنب المواجهه .. إنصرف ذات يوم في الصباح الباكر تاركا لها بجوار رأسها علي الوساده ورقه إنفصالهما ورقه طلاقها......
في العمل بين زملائه لايحب دور الناصح ولايجيده ولكنهم حقا يخطئون كثيرا ..يذهله كيف يضحكون علي نكات خليعه بل ولماذا يقولونها والأدهي اشتراك الفتيات في الضحك عليها معهم خالعين ثوب الحياء ..... كثيرا ما وجه لهم العتاب عندما يركبون إحدي الحافلات فيتسارعوا علي النيل بالمقاعد دافعين النساء ويتركوهن واقفات وتاركين كبار السن ينظرون إليهم املين أن يشعر بضعفهم أحدا ويقف لهم أو من تاتي محطته فيترجل تاركا مقعده شاغرا  ,,وماكان يثير اشمئزازه حقا إفشاء الزملاء لأسرار بعضهم ووشايتهم لبعض عند المسئولين ليتلاقوا فاتحي الأذرع لبعض مهللين مستبشرين ..كثيرا ما عاتبهم وكثيرا مااستهزءوا به معلنين شكهم في رجولته بسبب مظهره المريب حيث يشبه الفتيات كثيرا ولكنه دائما ما يجيبهم بل أنتم من لستم برجال ......ويقول مقولته التي حفظوها دون أن يعوها الرجوله أخلاق تجسدها الأفعال وليست فقط أجساد......
عادت من العمل منهكه كالعاده ولكنها تحس أن نهايتها أوشكت حقا ,, تشعر بألام حاده في جميع أنحاء جسدها لا إراديا تتحسس موضع صدرها فتصطدم اصابعها بعظام قفصها الصدري  رغم هذا الوقت لم تعتد خلو جسمها من مظاهر الأنوثه بعد استئصالها ترجت الطبيب كثيرا أن يجد لها بديلا عن الإستئصال ولكن  لم يوجد بديل ...أرهقت كثيرا من أنواع العلاج الكيميائي والإشعاعي والمناعي كتقويه التي تعرضتت لهم قبل وبعد الاستئصال لضمان القضاء نهائيا علي مرض يعشق غزو الانسجه المجاوره  للمكان المعتل حتي بعد استئصاله,,ولكنها لم تكمل دورتها العلاجيه فقد سئمت كل هذا ولم تعد تقوي بدنيا لاحتماله ............ا      
كانت تشبه الرجال كثيرا بصدرها المسطح ونحول جسدها وشعرها القصير وعندما تقدمت للوظيفه حسبها المدير رجلا فكذبت وتعتذرت بسرقه  اشيائها حتي لا تقدم له بطاقه اثبات الشخصيه وبعد فتره تخلي عن ريبته بعد ان اندمجت وسط المجتمع الذي لايحترم احدا...قد ملت نظرات الشفقه في عيون نساء بلدتها ومصمصه شفاههن وتسميم بدنها بكلماتهن العاقر,, لو أن الناس يتركون أمورالغيبه والإدعاء الكاذب انهم يريدون الصالح ...ويدعون كل شخص لأموره الخاصه لما فرت من كلامهم تاركه بلدتها ,,,,,ولو كان زوجها باقيا علي عهده ولم يخذلها ..لم رحلت........تذكرت قول صديقتها أن الفتاه لوحدث لها مكروه لتركها خطيبها ليظفر بمن لم تمس بسوء ولكن هذا زوجها الذي لو كان في موضعها لظلت عند قدميه إلي أن يتوفاها الله او يتوفاه...........
ظلت هذه الأفكار تتصارع في رأسها إلي أن جاء الصباح .....اخر صباح.....
وهو وسط الزملاء شعر بنهايه الاجل ابتسم مرحبا بالخلاص..... توفي....  كانت الصدمه الكبري عند الغسل إكتشف من يقوم بالغسل أن الرجل المتوفي امامه ماهو إلا إمرأه وتسرب الخبر لمن في الجامع وارسلوا لنساء ليقمن بعمليه الغسل وعندما دخلت المتوفاه الجامع محموله في نعشها كان الخبر قد انتشر بين المعزين وسمع به الجميع ....كانت مفاجأه من العيار الثقيل وظل لسان حالهم يقول أننا خدعنا من كان يحدثنا عن الأخلاق والرجوله إمرأه...... فهموا الأن الأفعال التي كانوا يستنكرونها ,,ولماذا يأبي (او تأبي) الصلاة معهم ويفضل العزله والصلاة منفردا,فكانوا يعيبون عليه عدم صلاته والتحذلق بالنصائح والتشدق بالأخلاق فيعيب هو عليهم صلاتهم مع عدم العمل بها....وخلا المسجد..... لم يتقبلوا إحساس الهزيمه حيث كانت تتجسد أمامهم فيها جميع صفات الرجوله ,,رحلوا مدعيين أنها خدعتهم بأنها رجلا وهي فتاه,, ومنهم من زاد الحقد في قلبه فأكد أنها لابد امرأه لعوب وهاربه من أهلها ولايحق الصلاه عليها لأنها مدنسه,,, وانصرفوا وكل يحمل في قلبه مشاعره المتضاربه بين إحترام لهاوحزن عليها وخجل من نفسه ,,لم يصل عليها أحدا (لم تجد من يصلي عليها)غير إمام المسجد والمؤذن وعند عمليه الدفن لم يقدرا علي حمل النعش فحملوها بأديهم وألقوها ومعها ذكرياتهم عنها في القبر وأغلقوه بإحكام.......
                                                                تم بحمد الله. 
                                                                               سهام محمد عبد الحميد
                                                                               9/4/2013   ,,,   الطريق

الأربعاء، 10 أبريل 2013

الجسم الغريب




اليوم بعد سبعة عشر عاماً رأيته مجددا !
كنت طفلة في الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمري عندما صعدت إلي سطح منزلنا القديم ذات مساء مبكر لأتطلع إلي النجوم .. كنت وقتها تلميذة في الصف الخامس الابتدائي ، أو الأول الإعدادي ، لا أذكر .. فأنا من السعداء الذين أفلتوا من سنة ساتة .. وكنت مغرمة ، بل مجنونة ، بالعلوم ، خاصة علم الفلك والنجوم .. كنت أحلم أن أصير عالمة فلك عندما أكبر أو رائدة فضاء .. وكان بصحبتي كتاب من كتب تبسيط العلوم التي قامت عليها العبقرية " برتا موريس باركر " .. تمزق الكتاب لاحقاً وتناثرت صفحاته ، ثم تبخرت تاركة وراءها حلماً سرمدياً لم يحققه لي إلا بلسم الآلام كلها .. الأدب .. وهل في الدنيا يداً أحن علي قلب الإنسان المجروح اليائس الحالم ؛ بعد الله ؛ من الأدب ؟!
المهم أخذت كتابي العزيز ذاك وصعدت لأحملق في النجوم عندما رأيته .. جسماً غريباً بدا مثل نجم ساقط أو طائرة .. لكنه كان يغير ألوان إضاءته باستمرار بألوان يتسيدها الأحمر.. سجلت هذه المشاهدة بشغف علي الصفحة الأولي من الكتاب وكتبت تاريخها بسرور.. ثم أهملت الكتاب ، وإن كنت لم أنساه ، وأهملت حبي للعلم .. نسيت العلم ونسيت السرور .. ثم دخلت إلي المرحلة الثانوية لأكتشف نفسي من جديد .. فإذا أنا ولا علاقة لي بالعلم الحقيقي .. أنا أديبة حتى النخاع.. أقرأ كتب العلوم مبسطة وأستسيغها وأحبها ولا شيء بعد ذلك .. أرتعد أمام أقدام الفيزياء الغليظة ، وترعبني وحوش الكيمياء 
المرعبة المنطلقة من أنابيب الاختبار ، أما الرياضيات فهي كابوس عمري ..
تمزق الكتاب وتناثرت صفحاته ثم تبخرت وضاعت .. وإن لم أنسه أبداً ، كما لا ينسي الطفل طعم أول قطعة لبان تذوقها ..
واليوم ، وبعد سبعة عشر عاماً .. كنت مع أخي فوق السطوح أساعده في تركيب جهاز وصلة الإنترنت .. وبينما كنت أساعده تطلعت إلي النجوم التي أحبها طول عمري .. أحبها لأنها تشعرني أنني تافهة ، وأننا كلنا نحن البشر تافهون .. ما أحلي أن تشعر ، أحياناً ، بتفاهتك .. وأنك كلك بأحزانك وأفراحك مجرد نقطة في سحابة دخان الكون العظيم .. لا تلبث أن تتبدد دون أن تترك وراءها أي أثر.. تطلعت إلي النجوم فرأيته .. قادم من آخر الأفق عن يميني .. نفس الجسم الغريب بألوانه التي يتسيدها الأحمر .. ربما كان طبق طائر أو طائرة.. ركزت نظري عليه وتابعته بشغف كما تتابع صديقاً قديماً ؛ انقطعت صلتك به تماماً ؛ يمرق أمامك في بطء .. بدا لي ؛ لشدة خيالي ؛ أنه تعمد الإبطاء حين صار أمام عيني مباشرة .. كان يسير شاهقاً وسط النجوم .. بدا لي أن النجوم تراقصت واضطربت في أماكنها حين ظهر وسطها .. تابعته إلي أقصي ما استطعت متحركة في مكاني.. وحين بدأ يهبط تحت الأفق شعرت بلذعة شجن غامضة ، مثل لذعة البرد التي تظهر في الصباح الباكر بعد انتهاء الصيف وقبل حلول الخريف .. لمعت دموع قليلة جافة في عيني .. من بين دموعي الحمقاء بدا لي أن هذا الجسم الغريب .. أيا ما كانت هويته .. قد مر فوق الأرض .. فوق مصر .. فوق الصعيد .. فوق منزلنا .. ليحيني !
ولكن ليس ليقول لي : مرحباً مرة أخري .. أحزنني، لحماقتي ، أن أتصور أنه جاء الليلة خصيصاً ليقول لي : وداعاً !!

الخميس، 4 أبريل 2013

امال فارغه بقلم سمر زيدان


                                                                   امال فارغه
لم اكن ارغب في قتله او حتي ايذاءه ومضايقته لكن افعاله الغير متوقعه جلبت له ذلك .كعادتي دائما في سرقة البيوت الفخمه ..اول ما افعله هو مراقبة البيت لعدة ايام متواصله ..وهذا ما حدث فعلا مع صاحب هذا المنزل ..قبل ان ادخله بعدة ايام ظللت مرابطا امامه ليلا ونهارا ..المنزل يبدو فخم للغايه من الخارج ،هذا ما لفت انتباهي اول يوم وما جعلني ايضا اصر علي دخوله ..حقا ستكون الفائده كبيره ..ولكن يتطلب جهدا كبيرا حتي انعم بما داخله من مدخرات ..لم يخرج احد في اليوم الاول ولم يدخله احدا ايضا وكذلك في اليوم التالي ..ظننت انه لا يسكنه احدا ..وشعرت بارتياح لهذا الظن ولكن لكي احتاكد اكثر قررت ان اسال التجار واصحاب المحلات المجاوره..بعد ان القيت التحيه علي اول تاجر قلت له"عفوا سيدي ابحث عن اي عمل يساعدني في معيشتي واريد مساعدتك" كانت تبدو علي الرجل طيبه عارمه لم يصدني بل اجابني بلطف قائلا" اطلب ما تشاء يابني ..فاذا كان في وسعي شيئا ساساعدك باذن الله"
شعرت بالخجل الشديد من نفسي ولكن هذا لم يمنعني عما كنت انتوي فعله فانتهذت الفرصه وقلت للرجل"اريد ان اذهب الي هذا المنزل ربما يكون اهله يحتاجون الي خادم او سائق ولكني لا اعرف هل يوجد به سكان ام لا ؟"
وكان رد الرجل غير متوقع بالنسبه لي"يوجد به رجل متقدم في السن يعيش بمفرده ولكن يزوره احفاده بين الحين والاخر لقضاء حاجاته الضروريه"
شعرت بعدم الارتياح لما قاله الرجل وبدا علي علامات القلق ولكن قبل ان يلحظها الرجل الطيب شكرته والقيت عليه السلام وذهبت الي حيث ارابط امام المنزل لاتعرف اكثر عما يدور بداخله وبالفعل بعد عدة ايام رسخت التفاصيل اليوميه لصاحب المنزل في مخيلتيم يزوره؟وفي اي وقت؟وماذا يفعل في الصباح والمساء؟!
واخيرا قررت ان اتسلل الي المنزل ليلا حيث لا احد داخل المنزل سوي العجوزالذي يطفئ نور المنزل مبكرا ربما يغرق في النوم طوال الليل..بعد ان غاص المنزل وما يحيط به في ظلام دامس ،وذهب كلا الي حيث ينام..استعديت انا الي دخول المنزل..لم يكن الدخول صعب بالنسبه لي..امتطيت السور في رشاقه بالغه فلم يكن مرتفعا ..وتسللت الي الداخل حيث الظلام الحالك..وبعد ان نجحت في الدخول من احدي النوافذ..اخرجت المصباح بحذر لاري ما في المنزل ..في اقصي اليمين غرفة. مفتوح بابها علي مصرعيه اتجهت نحوها..انها غرفة جلوس فخمه للغايه..لا يوجد بها شئ يمكنني ان احمله بسهوله..الافضل ان اتجه الي اعلي حيث غرف النوم..غالبا ستكون في الاعلي وبالتأكيد ستكون مكتظه بالاشياء الثمينه
ووافقت خاطري واتجهت الي اعلي..السلالم مفروشه بسجاد فخم للغايه ومزخرف بزخارف جميله..انشرح قلبي لذلك..اخيرا وصلت الي اعلي وياليتني ما وصلت ،الطابق فارغ تماما من الغرف الا من غرفه واحده اما باقي الطابق مساحه شاسعه مثل ملاعب الكره لا يوجد بها سوي بعض قطع الاساس القديمه والباليه
اصابني الاحباط بعد هذا المجهود وكدت اعزم علي مغادرة المنزل ولكن بعد ان تمالكت اعصابي قررت ان ادخل الغرفه ربما اجد فيها ما اريد.
اتجهت بحزر الي الغرفه وبعد مجهود بالغ في فتح الباب برفق 
كانت الصدمه اكبر من السابق ..لم تحتوي الغرفه علي اي شئ سوي بعض الاساس المهشم..
وكدت اصرخ بكل قوتي "يا لحظي الاحمق لا يوجد شئ في المنزل "
ولكني تراجعت عن الصراخ قبل ان يصدر مني اي صوت
واهداني تفكيري الي ان ابحث مره ثانيه في الطابق الاسفل ربما لم ابحث جيدا في السابق..واتجهت الي اسفل حيث شمالا حيث الباب ،هناك غرفه مغلقه ،لم اتردد في فتح بابها وما ان ظهر مابداخلها..سمعت صوت العجوز يقول "تعالي يابني لايوجد شئ في المنزل ،تعالي وساعطيك ما تريد من المال والذهب"
اصابني خوف بالغ ودهشه في نفس الوقت ودار في خاطري عدة اسئله 
هل يريد الرجل ان يسلمني الي الشرطه؟!وكيف علم اني اريد مالا وذهبا؟! هل سيقتلني ذلك العجوز قبل ان يعطيني شيئا؟!وهل سيعطيني شيئا من الاساس؟!
وانقطع سيل الاسئله علي يد العجوز التي امسكت بي دون ان ادري من اين اتي في هذا الظلام؟!
وقبل ان يتمكن من السيطره علي دفعته بكل قوة الي ان احتضن الارض وظننته مغشي عليه واتجهت اهرول يمينا ويسارا في الغرفه لابحث عن المال والذهب قبل ان يفيق العجوز
ولكني لم اجد شيئا يذكر وقبل ان استدير لاغادر المنزل شعرت بالعجوز يفيق ويردد"لن تجد شئ يابني ،ماتريده ساعطيك اياه "
وصعقت لقول العجوز مما جعلني امسك بقطعة خشب كانت خلف باب الغرفه وانهال ضربا في العجوز الي ان اصبح جثه هامده
واسرعت مهرولا الي الخارج وقبل ان افتح باب المنزل فتحه من الخارج شاب صغير ربما يكون حفيدالعجوز ومعه بعض رجال الشرطه. من شدة الصدمه لم احاول الهرب فامسكوا بي بسهوله..
وها انا قابع داخل قفص الاتهام دون ان ادري كيف حدث ذلك ولماذا؟!
تمت
سمر زيدان

الأربعاء، 3 أبريل 2013

"الجهبــــــذ" بقلم هدير زهدى










"الجهبــــــذ"
قرأ مرة أحد الأصدقاء معلومة تقول أن "السمك يعيش في البحر"
فاندهش فاغرا فاه ، وحفظها عن ظهر قلب ..
ثم سار في الطريق واضعا يديه في جيوبه، فقابل مجموعة من الشبان يتضاحكون في الطرقات، فنهرهم قائلا "تكلموا في أشياء مفيدة!" فطلب منه أحدهم أن يخبرهم بحديث مفيد ، فسألهم "أتعرفون شيئا عن البحار؟" فتلفتت الأوجه يمينا ويسارا تتبادل النظرات ، فقال صاحبنا "السمك يعيش في البحر" ، فذُهل الأصدقاء واتسعت أعينهم ، فاستأنق صاحبنا "وله زعانف وخياشيم وأحيانا يخرج من البحر إلى اليابس للتجول!"
تركهم "الجهبذ" وانصرف،
وحينما وصل إلى بيته المتواضع وجد أمه تطهو على "الباجور" فقال لها "أين أنت من الثقافة؟! أتحداك أنك لا تعلمين أن السمك يعيش في البحر وأن له زعانف وخياشيم وأحيانا يخرج من البحر للتجول على اليابس"
وفي المساء اتصل بصديقه الحميم ودعاه للعشاء في أحد مطاعم السمك ، وقبل الصديق الدعوة ببراءة .. وفي المطعم وأثناء الطعام قال صاحبنا "لقد اخترت السمك لأنني أدركت كم هو عظيم .. فهو يعيش في البحر وله زعانف وخياشيم وأحيانا يخرج من البحر إلى اليابس للتجول!"
فتناول فورا الصديق المدعو كوب الماء واجترع منه حتى انتهى عن آخره!
وبعد هذا العشاء الفاخر ..
كان يعلم صاحبنا بوجود ندوة في أحد النوادي ، فصمم على حضورها
ودخل صاحبنا في معية صديقه،
وأثناء الندوة ..
"أين أنتم من الثقافة السمكية .. فإنه يعيش في البحر وأن له زعانف وخياشيم وأحيانا يخرج من البحر إلى اليابس للتجول!"
فالتفت إليه أحد الجالسين سائلا :
"أيعيش هو في البحر أم يعيش البحر فيه ؟!"
فتناول صاحبنا منديلا ورقيا يمسح العرق الذي تصبب على جبينه !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"هدير زهدي"
2/10/2012

عزه نفس ....... منكسره بقلم سهام محمد









 
وجدت رجلا نائما في احدي المربعات بعربه القطار ملابسه رثه مهلهله ,يمدد قدميه ذات التشققات العميقه علي المقعد امامه وحذاءه الذي من كثر المخيط قد اهترئ موضوعا اسفل قدميه  لحرصه الشديد الا يتم سرقته دون ان يشعر,مستندا برأسه علي حافه النافذه ووجهه مغطي بقبعه تشبه قبعه الصيادين ,شعرت بحنيين ودفء شديدين لا تعرف لهما سبب فجلست بالمقعد المجاور لقدميه الممدده حيث ذكرها بوالدها كثيرا فكم يشبهه بقدميه هاتين وملابسه القليله المتواضعه.
يخرج في الصباح الباكرليلحق بالقطار ,يقفز من محطه الي اخري ومن بلد الي اخر حاملا ابتسامته معه وايمانه العميق ان رزقه له وسيأتيه ولكن الحياه تحتاج الكثير من السعي ولذلك هويسعي..,رزقه الله العديد من الابناء وزوجه كنساء مصر حامده ربها صابره ومكافحه, تسعي معه لطلب الرزق وما يعين علي العيش,ودائما ما تمنحه الامل وتكون له عونا ..الي هنا الحياه بسيطه ولكن كثيرا ما تتخللها بعض المنغصات ولكن اكثر ما يحز في نفسه افعال ابنته الكبري فيدعو الله كثيرا بالهدايه لها ولاخوتها ولزوجته بالصمود.
دائما ماتحمد الله علي كل شيء فحتي القليل من هذا الشئ يرضيها ...صابره هي وراضيه وكم تمنت لو واتتها اي فرصه للرحيل  وترك البيت ولو حتي للاخره  سترحل وهي راضيه .,,, دائما ما تحاول تعليم أبنائها القناعه,وتبث داخلهم الشعور بالرضا ..ودائما ماتتساءل بداخلها اذا ماكانوا لايستطيعون توفير العيش الملائم لهم فلماذا ياتون بهم للدنيا ؟ ؟؟فهي حقا لاتريد لأي من بناتها نفس مصيرها ولا لأي من أبنائها ان يكونوا كحال أبيهم ,,ولا تستطيع التصريح بهذا ,,بل تقوم بواجبها كأم ووزوجه تحاول بث البهجه في نفوس الأسره المعتله .
وهي في القطار تتذكر حالها ..ءامنت منذ زمن ان الفقراء ليس لهم الحق بانجاب الأبناء فماذا سيورثونهم غير الفقر والمرض وبعض البغضاء وكثيرا من الشقاء ..وتنتبه وأيضا الأغنياء لايحق لهم الانجاب فسيورثون أبنائهم التعالي والكبر وعدم الشعور بمن هم أقل ,,تعلم ان أبويها يبذلان أقصي ما بوسعهما ولكنها الحياه ..وكم قاسيه هي الحياه ,,..تفيق من أفكارها علي صوت المفتش وهويقول( تذاااكررر ),, تبحث في شنطتها علي اشتراك القطار ..تتذكر والدها وهويعطيها المال ويؤكد عليها بعمل الاشتراك حتي يتسني لها الذهاب الي كليتها فلن يستطيع ان يعطيها كل يوم أجره المواصلات,وألا تنفقهم في شئ اخر فلن يستطيع تدبيرهم مره اخري ..كم شعرت بالمهانه, هي لاتريد ركوب قطار الدرجه الثالثه مع البسطاء التي هي منهم وكم تمنت لو كانت مثل صديقاتها فمنهن من يأتيها السائق بالعربه ومنهن من ...(.تذاكر ياانسه) ,,أين الاشتراك اللعين هذا ,,واخيرا (اتفضل )وهي ماده يدها به الي المفتش ,,ويناولها اياه بعد فحصه وهو يوقظ الرجل المغطي الوجه ..شريكها في المربع.
أخرج جنيهين كل مامعه وأعطاهما للمفتش من حساب سبعه جنيهات داعيا الله في سره ان يكون رحيما وألا يصيح في وجهه ويجعل منه مدعاه تسليه للركاب,,أخذهما باستنكار سائلا اياه أليس معك أيه نقود ؟؟,,فنظر بخجل الي الفتاه الجالسه أمامه فاغره فاها محملقه فيه بدهشه وبيدها اشتراكها ..ثم رفع ناظريه اليه فوجده يقطع له التذكره فأجابه مبتسما بامتنان (مستوره ..... والحمد لله)
                                                                                     تم بجمد الله
                                                                                             سهام محمد عبد الحميد
                                                                                                   25/3/2013م
                                                                                                      أكتوبر.

طابع مميز بقلم سهام محمد




بوجهها الشاحب وعظام وجنتيها البارزتان واصفرار وجهها الدائم وشحوبه كشحوب الموتي مع عينين تكادان تخرجان من محجريهما وسط هالات سوداء ومايمنعهما من ذلك الا بعض الحياه التي تسري فيهما (تحتجبان) خلف عوينات سميكه ترتسم فيهما الدوائر , وارتعاش في الاطراف عند بذل مجهود او حتي تفكر فمجرد التفكير يستنفذ منها الطاقه .أجميله هي ؟ (بعد هذا الوصف) ربما اذا صبغت وجنتيها بقليل من الحمره واذا استطاعت ان تحدد مكان شفتيها التائهتين في وجهها الشاحب ذا اللون الواحد بلون الحمره كالاحياء فبعد هذا قد تصبح ادميه.
هي تعلم كل هذا عن نفسها ولذلك كان يدهشها اهتمامه العجيب بها ,ماذا راي فيها ليجذبه اليها؟ وهو ذا العينان االلتان تدوران في محجريهما خلف كل فتاه جميله ,انيقه وتستطيع الحديث دون رعشه في اطرافها ,يسعي دائما خلف كل من لها قدره علي تجاذب اطراف الحديث معه بل وتغلبه بحنكتها وتمرسها في الجدل ,اما هي فكانت بعيده كل البعد عن هذه الصفات حيث كانت دائما ما تتلعثم عندما يوجه لها الحديث وتلوذ بالصمت وهي التي لا تسكت ابدا,ودائما ما ترسل عينيها للارض او تتوه حولها اذا ما صادفت والتقت بعينيه. أحبته؟ لا....ولكنه عرف كيف يجذبها اليه ..يجذب انتباهها اليه ..عند حدوده يقف الكلام في حلقها وعند حضوره يتوقف كل شئ من حولهاوان كان حضوره دقائق معدوده  فانه بالفعل خلالهما يتوقف الزمن وتتلاشي الضوضاء وتختفي الناس ويصير هو مركز الارض والكل من حوله هوامش ,تشعر بمعزل عمن حولها وبعد رحيله يصيبها فقدان ذاكره مؤقت وتوهان وتكتشف فجأه ان الشمس لم تكن بهذا السطوع عند وجوده  ولا اي شئ من حولها كما هو ولا تدري امر عليها يوم وهي واقفه مكانها اهو يوم اخر ؟ تظل في هذه الحاله فتره طويله الي ان تعود لرشدها . احبته ؟؟؟ لو ان هذ الذي قيل هو حال العاشقين  فربما ,,ولكنها لم تحبه .
هو احيا في داخلها برجولته المحكمه وشخصيته المنمقه احساسا انها قد تكون انثي مقبوله الملامح مع تعديلات قليله لن تعترف لنفسه (انها تعديلات كثيره)ولكن دائما مايوجد امل.هو لا يعلم ولا احد كذلك ان ماصار اليه حالها نتيجه لقسوه الحياه معها ولكنها لا تشكي فمنذ صغرها كانت( طفله عاقله ,ومراهقه ناضجه ,وفتاه بعقل رجل )ولكنه دائما ماكان يسخر من صمتها معتبره جهلا فيجد فرصته في استعراض كم معلوماته امامها _اليست بجاهله هي؟؟ ,,,,دائم السخريه من شحوبها اليست كمن خرج لتوه من احدي المقابر .ولكن رغم هذا كله كان هناك هذا الشئ داخلها يجذبه اليها فلم يذق هو طعم الكفاح والسعي خلف هدف نبيل لذلك لم يعرف النقاء الداخلي وطهاره النفس رغم قسوه الحياه والروح الحره رغم القيود من حولها الراضيه بم قسم الله.
تأملته كثيرا,, كان رغم مظهره الرجولي الجذاب كالطفل يحاول لفت انتباهها بحركات طفوليه(صبيانيه) ,كانت كثيرا ماتضحك منها عند تذكره( وكانت تسعدها),كانت مدركه لحركاته وسكناته ولكنها ابدا لم تبد اي رده فعل بل كانت تظهر البلاهه احيانا و عزوفها هذا لم يكن شرك من شرك البنات ولكن لانها حقا لم تكن تعلم مايجب عليها فعله ايذاء هذه التلميحات فهذه اول مره يجذب انتباهها احد .,انتظرته طوبلا ان يتخطي مرحله الطفوله ويباشر خطوات الكبار ولكنه ابدا مافعل كانت بالنسبه له لعبه مسليه يشاهد خجلها منه وتلعثمها وهو مبتسم .تأملته كثيرا وجدت انه اصبح يقلدها ويتشبه ببعض افكارها ويلمح عن اشياء يفعلها هو مدرك انها تفعلها ,,اهو تشابه حقيقي بينهما ؟؟,اهو شيئ يجمعهما ؟؟, فماذا ينتظر ؟ أيحبها حقا؟؟؟؟؟؟
تأملته كثيرا ,كثيرا ,وبعد التأمل وجدته نسخ من اشياء كثيره ,كلنا نسخ لاشياء نقرأها او اشخاص نقابلهم فيتركون فينا بصمتهم ,, ولكن دائما ماتبقي هناك الصفه المميزه لكل فرد منا ,,اما هو فقد تلاشي بين النسخ التي يتشبه بها فلم يعد يملك طابعه المميز الذي قد يعرف به .احبته ربما ولكنها ممتنه له اكثر من ان يكون حبا فهو امتنان لصنيعه الذي كشف لها مابداخلها من جمال يغطي شحوبها الخارجي  وعند هذه النقطه عرفت انه يريد هذا الطابع الذي يحيره وينقصه ولكنها لن تعطه له والا ماذا سيبقي منها اذا صار نسخه منها..
                                                                 تم بحمد الله تعالي
                                                                                                                        سهام محمد عبد الحميد
                                                                                                                         13/2/2013   دمياط