حاز شعبيه كبيره بينهم وأحبوه جميعا لأخلاقه الدمثه وحسن معاشرته كانوا في بادئ الامر يستهجنون مظهره الغريب وثيابه التي تتشابه في حياكتها كملابس الفتيات,, ووجدوا من ضعفه البنياني مجالا لإطلاق النكات وماكان يشجعهم هو إبتسامته الدائمه فلا يدخل معهم في عراك ولا يعترض ,,,,لا يعلمون عنه شيئا وكثيرا ماحاولوا لكنه كان يجيد التكتم ورغم هذا الفضول أحبوه ..كان يجسد أخلاق الرجل الحر من علو الهمه والشجاعه والنبل ولم يكن ينقصه سوي جسد ضخم حتي تكتمل الصوره كأحد الفرسان القدامي...
كانوا يدركون حقا أن مثله نادرا في هذا الزمن ......
في الغرفه التي إستاجرتها منذ عده أشهرليست بكثيره.. تجلس وحيده بعد عودتها من العمل الذي ينهك بدنها المعتل, تجتر ذكرياتها.. تركها دون أن تجن أي ذنب سوي أنه قضاء الله عليها بالمرض, في بادئ الأمر إنهار وأخذ يبكي وقبلها كثيرا وسط دموعه وصرخاتها وطمئنها كثيرا سأظل بجوارك للأبد فأنت قره العين ومحياه القلب وأوصلها لغرفه العمليات ....بعد هذا تتذكر نظراته لها في البيت لم تعد كسابق عهدها لا هي ولا نظراته اليها,,كم كان يعشق الثوب الأسود علي بشرتها البيضاء وكم كان يصفها بالملاك في ثوبها الأبيض وكم كتب فيها من القصائد وتغني....ولكن الأن لا يجدي معه شيئا فعيناه تخبرانها أنها لم تعد صالحه له,, أو لغيره ..علمت أنها النهايه وإندهشت من جأشها لم تذعر بل كانت ترقب أفعاله منتظره لحظه طلبه الانفصال حيث الخطوي الحاسمه التي سيرفضها فيها ويعلنها صريحه ,. ولكنه كان أذكي تجنب المواجهه .. إنصرف ذات يوم في الصباح الباكر تاركا لها بجوار رأسها علي الوساده ورقه إنفصالهما ورقه طلاقها......
في العمل بين زملائه لايحب دور الناصح ولايجيده ولكنهم حقا يخطئون كثيرا ..يذهله كيف يضحكون علي نكات خليعه بل ولماذا يقولونها والأدهي اشتراك الفتيات في الضحك عليها معهم خالعين ثوب الحياء ..... كثيرا ما وجه لهم العتاب عندما يركبون إحدي الحافلات فيتسارعوا علي النيل بالمقاعد دافعين النساء ويتركوهن واقفات وتاركين كبار السن ينظرون إليهم املين أن يشعر بضعفهم أحدا ويقف لهم أو من تاتي محطته فيترجل تاركا مقعده شاغرا ,,وماكان يثير اشمئزازه حقا إفشاء الزملاء لأسرار بعضهم ووشايتهم لبعض عند المسئولين ليتلاقوا فاتحي الأذرع لبعض مهللين مستبشرين ..كثيرا ما عاتبهم وكثيرا مااستهزءوا به معلنين شكهم في رجولته بسبب مظهره المريب حيث يشبه الفتيات كثيرا ولكنه دائما ما يجيبهم بل أنتم من لستم برجال ......ويقول مقولته التي حفظوها دون أن يعوها الرجوله أخلاق تجسدها الأفعال وليست فقط أجساد......
عادت من العمل منهكه كالعاده ولكنها تحس أن نهايتها أوشكت حقا ,, تشعر بألام حاده في جميع أنحاء جسدها لا إراديا تتحسس موضع صدرها فتصطدم اصابعها بعظام قفصها الصدري رغم هذا الوقت لم تعتد خلو جسمها من مظاهر الأنوثه بعد استئصالها ترجت الطبيب كثيرا أن يجد لها بديلا عن الإستئصال ولكن لم يوجد بديل ...أرهقت كثيرا من أنواع العلاج الكيميائي والإشعاعي والمناعي كتقويه التي تعرضتت لهم قبل وبعد الاستئصال لضمان القضاء نهائيا علي مرض يعشق غزو الانسجه المجاوره للمكان المعتل حتي بعد استئصاله,,ولكنها لم تكمل دورتها العلاجيه فقد سئمت كل هذا ولم تعد تقوي بدنيا لاحتماله ............ا
كانت تشبه الرجال كثيرا بصدرها المسطح ونحول جسدها وشعرها القصير وعندما تقدمت للوظيفه حسبها المدير رجلا فكذبت وتعتذرت بسرقه اشيائها حتي لا تقدم له بطاقه اثبات الشخصيه وبعد فتره تخلي عن ريبته بعد ان اندمجت وسط المجتمع الذي لايحترم احدا...قد ملت نظرات الشفقه في عيون نساء بلدتها ومصمصه شفاههن وتسميم بدنها بكلماتهن العاقر,, لو أن الناس يتركون أمورالغيبه والإدعاء الكاذب انهم يريدون الصالح ...ويدعون كل شخص لأموره الخاصه لما فرت من كلامهم تاركه بلدتها ,,,,,ولو كان زوجها باقيا علي عهده ولم يخذلها ..لم رحلت........تذكرت قول صديقتها أن الفتاه لوحدث لها مكروه لتركها خطيبها ليظفر بمن لم تمس بسوء ولكن هذا زوجها الذي لو كان في موضعها لظلت عند قدميه إلي أن يتوفاها الله او يتوفاه...........
ظلت هذه الأفكار تتصارع في رأسها إلي أن جاء الصباح .....اخر صباح.....
وهو وسط الزملاء شعر بنهايه الاجل ابتسم مرحبا بالخلاص..... توفي.... كانت الصدمه الكبري عند الغسل إكتشف من يقوم بالغسل أن الرجل المتوفي امامه ماهو إلا إمرأه وتسرب الخبر لمن في الجامع وارسلوا لنساء ليقمن بعمليه الغسل وعندما دخلت المتوفاه الجامع محموله في نعشها كان الخبر قد انتشر بين المعزين وسمع به الجميع ....كانت مفاجأه من العيار الثقيل وظل لسان حالهم يقول أننا خدعنا من كان يحدثنا عن الأخلاق والرجوله إمرأه...... فهموا الأن الأفعال التي كانوا يستنكرونها ,,ولماذا يأبي (او تأبي) الصلاة معهم ويفضل العزله والصلاة منفردا,فكانوا يعيبون عليه عدم صلاته والتحذلق بالنصائح والتشدق بالأخلاق فيعيب هو عليهم صلاتهم مع عدم العمل بها....وخلا المسجد..... لم يتقبلوا إحساس الهزيمه حيث كانت تتجسد أمامهم فيها جميع صفات الرجوله ,,رحلوا مدعيين أنها خدعتهم بأنها رجلا وهي فتاه,, ومنهم من زاد الحقد في قلبه فأكد أنها لابد امرأه لعوب وهاربه من أهلها ولايحق الصلاه عليها لأنها مدنسه,,, وانصرفوا وكل يحمل في قلبه مشاعره المتضاربه بين إحترام لهاوحزن عليها وخجل من نفسه ,,لم يصل عليها أحدا (لم تجد من يصلي عليها)غير إمام المسجد والمؤذن وعند عمليه الدفن لم يقدرا علي حمل النعش فحملوها بأديهم وألقوها ومعها ذكرياتهم عنها في القبر وأغلقوه بإحكام.......
تم بحمد الله.
سهام محمد عبد الحميد
9/4/2013 ,,, الطريق





